تحدث تحقيق صحفي عن المعتقلات السريّة الخاضعة لسيطرة ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطيّة" (قسد) شمالي شرق سوريا، ونشر وثائق وشهادات عن وسائل التعذيب المستخدمة فيها، موضحاً أنها تُحاكي معتقلات نظام الأسد.
وتضمّن التحقيق الذي أعده الصحفي السوري أحمد عبيد في موقع "حكاية ما انحكت" مقابلات مع معتقلين سابقين وذويهم، ومع حقوقيين وصحفيين وباحثين مختصين ومحرّري شبكات إخباريّة عاملة في شمالي شرق البلاد.
وأفاد بأنَّ "قسد" بعد توسيع سيطرتها أسّست العديد من السجون الأخرى، منها ما هو داخل مبانٍ حكوميّة سابقة، وأخرى داخل مدارس وأبنية سكنيّة، إضافة لبعض السجون التي أقيمت في المغاور الصحراويّة.
وتُقسم أماكن الاحتجاز الموجودة في هذه المنطقة إلى عدّة أنواع، منها سجون مُعلنة شبيهة بالسجون المركزيّة في مناطق سيطرة نظام الأسد، وأخرى معتقلات سريّة أشبه بسجون "هيئة تحرير الشام" في محافظة إدلب، وثالثة تتبع لقوات التحالف الدولي.
وبلغت حصيلة مراكز المعتقلات السرّية في المنطقة 38 مركز احتجاز ومعتقل سريّ تُشرف عليها جهات مختلفة من مكوّنات "قسد"، كحزب العمال الكردستاني (PKK)، وحزب الاتحاد الديموقراطي ((PYD وقوات الأسايش، وثمانية سجون مركزية "معلنة رسمياً"، وثلاثة سجون تابعة لقوات التحالف الدولي، ليكون المجموع 49 سجناً ومعتقلاً.
وتوزّعت المعتقلات السريّة على محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، وأجزاء من محافظة حلب، وكانت حصيلتها خمسة عشر معتقلاً في مدينة الحسكة، هي "مساكن الضباط" و"الكلاسة" في مركز المدينة، و"جركن" و"علايا" و"الرميلان" و"هيمو" و"القحطانيّة" في مدينة القامشلي.
فيما أقامت معتقلات "قبيبة" و"الجبسة" و"الهجانة" و"كم البلغار" و"الكم الصيني" أو ما يُعرف باسم "بوكا2" في ريف الحسكة الجنوبي، فضلاً عن معتقل "ديريك" الذي يُعرف أيضاً باسم "السجن الأسود" في ناحية المالكيّة، و"تل معروف و"ناف كر" شمالي المحافظة.
وتركّز معتقل "المخابرات العسكريّة" الذي يُعتبر من أبرز معتقلات "قسد" في محافظة الرقة، كونه الأكبر من حيث عدد المعتقلين، ويتم تحويل معظم المعتقلين من أبناء دير الزور والرقة إليه خلال فترة التحقيق، وفيه تتم عمليات التعذيب ونزع الاعترافات بحسب معتقلين سابقين، إلى جانب سبعة معتقلات في المحافظة، هي "الأمن العام" و"سجن الأسايش" و"جهاز الجريمة" و"سجن التحقيق" و"جزيرة عايد" و"تل السمن" و"المحمودلي" و"ولات داود".
وإلى جانب هذه المعتقلات، أقامت قوات التحالف الدولي، ثلاثة مراكز احتجاز تحت إشرافها المباشر هي سجني "الشدادي" و"الجبسة" في ريف الحسكة، وسجن "حقل العمر" في ريف دير الزور.
وهذه السجون الثلاثة، قُسّمت إلى قسمين بداخلها، أحدهما يخضع لإشراف التحالف الدولي بشكل مباشر، ويضمّ القياديين البارزين في صفوف تنظيم داعش، لا سيما الأجانب منهم، وقسم آخر يخضع لإشراف "قسد"، ويضم قياديي داعش الأقلّ أهمية.
وأُقيمت أيضاً سجون مُعلنة في مناطق سيطرة "قسد" أشبه بالسجون "المركزيّة" في مناطق سيطرة النظام، هي سجون "الكسرة" و"الجزرات" في ريف دير الزور، و"الصناعة" في حي "غويران" في مدينة الحسكة، وسجن "الهول" شرقها، إضافة لسجني "الرقة المركزي" و"الأحداث" في الرقة، وسجني "منبج المركزي" و"المالية" في مدينة منبج شرق حلب.
وفقًا للشهادات التي جمعها التحقيق من معتقلين سابقين لدى "قسد" حول أساليب التعذيب التي تعرّضوا لها، تشترك سجون "قسد" مع معتقلات نظام الأسد بواحدة وأربعين وسيلة تعذيب، من أصل اثنتين وسبعين وسيلة يستخدمها في سجونه، وثقتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير عام 2019.
وصنّفت فيه أنماط التعذيب في سجون النظام ضمن سبعة محاور أساسيّة، ويتفرّع عن كلّ نوع عدّة أساليب ثانوية، بينها 39 أسلوباً للتعذيب الجسدي، وثمانية أساليب للتعذيب الجنسي، وثمانية للتعذيب النفسي، وستة للإهمال الصحي، إضافة لتسعة أساليب للتعذيب في المشافي العسكريّة، كذلك تشترك مع سجن العُقاب التابع لـ "تحرير الشام" في إدلب بـ36 وسيلة تعذيب.
وتعمل "قسد" وفق سياسة مشابهة لسياسة نظام الأسد بتوجيه التهم للمعتقلين في سجونها، فكما كانت تهمة "الإرهاب" جاهزة لجميع المعتقلين في سجون النظام، فإنّ تهمة "التعامل مع تنظيم داعش" في سجون "قسد" جاهزة وتقدر بـ80%، فيما تُقدّر التهم الموّجهة لقرابة 20% هي التعامل مع تركيا والمعارضة السورية والفساد والسرقة وغيرها.
وذكر التحقيق أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وثّقت حتى منتصف آذار/مارس 2022، اعتقال "قسد" 4028 شخصاً بينهم 709 أطفال، و522 سيدة، ومقتل 79 مدنياً تحت التعذيب، موضحاً أن المعتقلين في سجون "قسد" لا يخضعون لعمليات التحقيق بشكل مباشر، ومعظمهم يبقى لفترة تمتد من أسبوع إلى عدّة أشهر قبل الخضوع للتحقيق أو الإعلان عن التهمة الموّجهة إليهم.
اقرأ أيضاً:
